مع دخولنا عام 2025، لا تزال الصحة العامة تشكل محورًا أساسيًا في السياسات العالمية، خاصةً بعد التأثيرات العميقة لجائحة كورونا. ورغم التقدم الملحوظ في بعض المجالات، إلا أن التحديات الصحية تظل قائمة، مما يستدعي استجابة منسقة ومتكاملة على المستويين الوطني والدولي.
---
الانتشار المستمر لفيروس كورونا وتحورات جديدة
في تقريرها الصادر في مايو 2025، أفادت منظمة الصحة العالمية بارتفاع نشاط فيروس كورونا عالميًا، حيث وصلت نسبة إيجابية الفحوصات إلى 11%، وهي مستويات لم تُسجل منذ يوليو 2024. وقد لوحظ تزايد في انتشار المتحور NB.1.8.1، الذي يُعتبر قيد المراقبة، مما يثير القلق بشأن فعالية اللقاحات الحالية في مقاومته.
---
الآثار النفسية للجائحة على الصحة العامة
أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن مستويات القلق والاكتئاب المرتبطة بجائحة كورونا أدت إلى تقليص متوسط العمر المتوقع الصحي عالميًا بمقدار 6 أسابيع، مما ألغى معظم المكاسب التي تحققت في تقليل الوفيات بسبب الأمراض غير المعدية خلال نفس الفترة.
---
تراجع معدلات التطعيم وظهور أمراض جديدة
كشفت دراسة نشرتها مجلة "ذا لانسيت" أن معدلات التطعيم ضد الأمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال انخفضت في العديد من الدول منذ عام 2010، حتى في البلدان ذات الدخل المرتفع. هذا التراجع يهدد الجهود العالمية للقضاء على هذه الأمراض، خاصةً في ظل ظهور متحورات جديدة مثل "مبكس" في أفريقيا.
---
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على التمويل الصحي
أدى تجميد المساعدات الخارجية من قبل بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، إلى تقليص التمويل المخصص للبرامج الصحية العالمية، بما في ذلك مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا. هذا التراجع في الدعم المالي يهدد استدامة الأنظمة الصحية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
---
التوجه نحو الرعاية الصحية الرقمية والشخصية
أظهرت دراسة لشركة "ماكنزي" أن جيل الألفية و"الجيل زد" أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على الرعاية الصحية الرقمية، مثل الاستشارات الطبية عن بُعد، ومراقبة اللياقة البدنية عبر التطبيقات، والتغذية الوظيفية. هذا التحول يعكس تغيرًا في مفهوم الصحة، حيث أصبح يشمل العافية العقلية والجسدية بشكل متكامل.
---
الاتفاقية العالمية لمكافحة الأوبئة: خطوة نحو التعاون الدولي
في خطوة تاريخية، اعتمدت 124 دولة اتفاقية منظمة الصحة العالمية لمكافحة الأوبئة، التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الأوبئة المستقبلية. تشمل الاتفاقية تبادل البيانات والموارد، وضمان توزيع عادل للقاحات، وتعزيز الأنظمة الصحية الوطنية. ورغم غياب الولايات المتحدة عن الاتفاقية، إلا أن هذه الخطوة تمثل تقدمًا مهمًا نحو استجابة منسقة عالميًا.
---
الاستنتاج
بينما تُظهر البيانات العالمية تقدمًا في بعض المجالات الصحية، إلا أن التحديات القائمة تتطلب استجابة منسقة وشاملة. يظل تعزيز التعاون الدولي، وتطوير الأنظمة الصحية، والاستثمار في الوقاية والتوعية من الأولويات الأساسية لضمان صحة الأجيال القادمة.
0 تعليقات